أميتو الباطل بعدم ذكره

"أميتوا الباطل بعدم ذكره"

عبارة اتسعت لتشمل كل ما لا رغبة للناس في التعرض له وإن كان في أدنى دركات الإنحطاط في زمن صمت فيه الحق كثيرا ونعق الباطل كثيرا .

لقد انقسم الناس إلى مجموعات ثلاث إزاء الفسيفساء الملحية الجنسية للكاتبة الغارق حرفها في وحل الخطيئة من خلال مجموعتها الشاذة التي أسمتها (ملح) والتي أخرجتها من رحم الأدب الناطق باسمها وباسم أقرانها إلى حضن النادي الثقافي العماني ليحتفوا جميعا بميلاد تيسها الحانق المربوط أمام مشاهد خلاعة ودعارة الكلمة والذي - ربما - لم يكن له نصيب من (ملحها) الذي ذاب وسط آهات وأنين الرذيلة الطافحة الراقدة في صدور طبقة نرجسية تحاول أن تصعد على أكتاف الأدب من حيث لا أدب . هذه الطبقة - التي وجدت في الفضيلة رجعية وفي حدود الدين تخلفا وفي العادات والتقاليد شيخوخة فات زمانها - بدت كأنها امتداد للخطيئة الكبرى التي أخرجت آدم عليه السلام من الجنة . ورغم أن آدم وزوجه لما أدركا إثم ما اقترفا من تذوق ثمار الشجرة المنهي عنها "قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " إلا أن هذه الطبقة النرجسية المذكورة اعتبرت الخطيئة شرفا يجب صونه والمحافظة عليه بل والاستمرار فيه ولم تجد فيه رائحة الإثم كما وجدها أبو البشرية آدم عليه السلام بل بالعكس من ذلك تماما فقد وجدت فيها طعم الملح الذي لا يصلح الطعام بدونه فأصبح هذا الملح من أساسيات وضروريات الحياة عندها

ولذلك فإن هذه الطبقة تحاول جاهدة أن تبحر في مياه الخطيئة المشرعة من قبلها وتحاول أن تجرف معها ما تستطيع من أقلام كانت ربما مسبحة يوما باسم ربها الأعلى ضاربة توبة آدم بعرض المحيط .

أقول قد انقسم الناس إلى ثلاث مجموعات حول (ملحها) ؛ مجموعة استنكرت مباشرة ما ظهر على السطح من حبات الملح الماجنة فتحركت أقلامها غيرة على حدود الله ونصرة للفضيلة . فهذه المجموعة قد أدت واجبها تجاه النازلة كما أمرها الله في كتابه وعلى لسان رسوله القائل "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه وإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" . ومجموعة أخرى سكتت عن (الملح) الطافح نتنا من باب أميتوا الباطل بعدم ذكره أو من باب لا يعنينا ، ومجموعة ثالثة دافعت بحرارة عن التيس المربوط في زريبة الرذيلة رغم علمها بتلبسه - مع سبق الإصرار والتعمد - بمشاهدة مقاطع نحر الأخلاق والفضيلة فهي شريكة في الخطيئة . ونقول للمجموعات الثلاث أنصتوا لقول الحق تبارك وتعالى:

(وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [سورة اﻷعراف : 164]

هذه الآية ذكرت -على الترتيب- المجموعة الأولى ثم الثالثة ثم الثانية - اللواتي أشرنا إليهن - فالأولى الناصحة المنكرة والثالثة المستحقة للعذاب بسبب الإصرار على الخطيئة ثم الثانية التي بقيت في الحياد . قال أهل التفسير أن العذاب عندما نزل أصاب الثانية المحايدة والثالثة الخاطئة وسلم الله الأولى لقيامها بما أمر من إنكار الباطل قل أو كثر طال أو قصر.

فذلك توصيف الناس أمام كل باطل كما أوضحه الكتاب الخالد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وقد عرضناه ليتنبه كل غافل .

هذا ، ثم إن ما دعانا للكتابة حول هذا الموضوع وإنكاره ليس رغبة منا في السجال والجدال وارتقاء السراب إنما فرارا من الله إلى الله كما أنه ليس مرادنا شخصية صاحب (الملح) تحديدا وإنما وجدنا فيها فرصة للوقوف أمام وضد نرجسية طبقة بأكملها باتت تنسج الانحلال بخيوط الأدب يدفعها ماض مكدس في كواليس أوحال المحظور شرع في الانفجار على هيئة صناديق سوداء تحمل حقائقها المخفية عن الناس . هكذا عندما يشاء الله فضح عبد على الملأ يستنطقه بلسانه ليكشف مكنونه بنفسه فيكون شاهدا عليها مقرا إقرارا موجبا للعقوبة المستحقة . وما قول عمر الفاروق ببعيد عن الحكم في هذه الطبقة حين قال " من رأينا فيه خيرا قلنا فيه خيرا وتوليناه ومن رأينا منه شرا قلنا فيه شرا وتبرأنا منه " . ولأننا لسنا أصحاب عقوبة قبل أن نكون أصحاب دعوة فإننا نعتذر إلى الله أولا بما قدر عليه قلمنا من توجيه بسيط ولفت لانتباه مؤسسات الدولة والمجتمع المدني بمؤسساته وأفراده . وثانيا كي لا نكون ممن يقدم النقد دون رؤية بناءة فإننا نطالب بما يلي:

1- ندعوا أقلام الأحرار والشرفاء إلى الميدان إماتة للباطل بالذود عن حياض الشرف والفضيلة وليس بالصمت المشين فإن العقوبة تعم لا تخص إن نزلت -عياذا بالله.

2-ندعوا الأقلام العفيفة إلى المشاركة والمساهمة بما تجود به محابرها شغلا للساحة الأدبية بما ينفع المجتمع العماني خصوصا والأمة العربية المسلمة عموما

3- نرجوا من كاتبة (الملح) النظر فيما أقدمت عليه بعين حواء الأم ومريم العذراء اللتان كانتا رمزا لطهارة النوع البشري ونقائه لعل الله يصب عليها من شآبيب الهداية ما يبدلها عن (الملح) حرفا عفيفا وأن تسخر قلمها لما ينفع الأمة المكلومة في عزتها ووحدتها ولما يرتقي ببنات جنسها إلى مدارج الصالحات الفاضلات العالمات كالشيخة العالمة الجليلة عائشة الريامية وغيرها وساعتها نحن على استعداد لاقتناء منشوراتها وتزيين أرفف مكتباتنا بها وإشغال أوقات أبنائنا وبناتنا بقراءتها .

4-نحمل النادي الثقافي مسؤوليته الأدبية الأخلاقية تجاه ما طبع وبأموال البرنامج الوطني الممول من قبل مجلس البحث العلمي.

5-نحمل الرقابة على المطبوعات والنشر مسؤوليتها الأخلاقية أمام المجتمع بأكمله كونها الثغر الذي هجم (الملح) من قبله

6-نحمل الإدعاء العام المطالبة بحق المجتمع المدني بسحب (الملح) من السوق حتى لا يقع في أيدي طالبات المدارس وطلابها الذين يرزحون تحت وطأة قيم دخيلة طمت وعمت ليس هنا موضع بسطها .

7- ندعو كل من دفع ب(الملح) وصاحبته إلى الظهور أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة وأن يوجهوا طاقاتها نحو ما يرفع قدر قلمها حقا أمام الأقلام فإن الأدب ليس في قلة الأدب

وإن لكم نساء وبنات وكما تدين تدان

8-نحمل عمان كلها أن تبقي عورتها مستورة في كل وقت وفي كل مجال كما عودتنا لأن كشف العورات ليست من أخلاق الشعوب المسلمة .

وأخيرا نسأل الله أن يصلح أحوالنا جميعا وأحوال المسلمين .

"والتائب من الذنب كمن لا ذنب له" .

ودامت عمان الأصالة والإباء طاهرة نقية عفيفة على مر الزمان .

- أبو الحسن الهنائي -

مسلمة وافتخر كتب:

مشكوره أختي جزاك الله خير وان شاء الله في ميزان حسناتك

موضوع رائع شكرا للمجهود الكبير لطرحه